وقفة أمام حبيبتي
للعشماوي
أدْنـــى الأمــــور إلــيــكَ أبـعـدُهــا =لــمَّــا يــعــزُّ عـلـيــك مَـقـصِـدُهــا
وحـيـاتُــك الـدنـيــا، لــهــا صــــورٌ =شـتـى، عـيـونُ الـرِّيـح تـرصُـدُهـا
دعْ عــنـــك أحــلامـــاً تــطــرِّزهــا =وبـــديــــعَ أشـــعــــارٍ تُــــردِّدهــــا
فـأنـيــنُ قـلــبــكَ صـــــار قـافــيــةً =مـشـبـوبــةً، يُـبـكـيــك جـيِّــدُهــا
لا تعـجـبـوا إن أصـبَـحَـتْ لـغـتــي =نــــاراً، فــــإنَّ الــحُــزنَ يُـوقــدُهــا
نـــــــارٌ مــــــــن الآلامِ لافــــحــــةٌ =يا ليت شعري، من سيُخمِدُها؟!
أغـمـدتُ مــن حـزنــي صَـوارِمَــه =لـــكــــنَّ آلامــــــــي تــجـــرِّدُهـــا
لـمــا رأيـــتُ حبـيـبـتـي وَهَــنَــتْ =ورأيـــت ثـقــل الــــداءِ يُـجـهـدُهـا
ورأيـــــت أجـــهـــزةً تـلاحـقــنــي =أرقــامُــهـــا، وأنـــــــا أُعــــدِّدهــــا
كـــم كُــنــتُ أرجــــو أن أُحَـرِّفَـهــا =وعــلـــى مـوافـقـتــي أعــوِّدُهـــا
يـلـوي الطـبـيـبُ لـسـانَـه حَـــذِراً =ويـــقــــول أقــــــــوالاً أفــنِّـــدهـــا
كـلـمــاتُــه بـــــــرزت مـعـالـمُــهــا =وأنـــا مــــن الـمـعـنـى أُجــدِّدُهــا
فـــي لـحـظــةٍ ســــوداءَ قـاتـمــةٍ =كـانـت سـيـاطُ الـخـوفِ تَجْـلِـدُهـا
كـــان الأنـيــنُ لَـظــىً يُلـذِّعـنـي =واشـتـدَّ فــي نـفـسـي تنـهُّـدُهـا
أحــســسْــتُ أن الأرضَ دائــــــرةٌ =بـــيْ دورةً مـــا كـنــتُ أعـهَـدُهــا
حـتــى إذا حَـوقَـلْــتُ محـتـسـبـاً =وســرى إلــى نفـسـي تجلُّـدُهـا
وجَّـهـتُ قـولـي للطـبـيـب وفـــي =أعــمــاقِ قـلـبــي مــــا يـبـرِّدُهــا
قــلْ يــا طبـيـبُ فــإنَّ لــي ثـقــةً =بـــالله فـــي نـفـسـي أُجــدِّدُهــا
قــــــدِّم دواءَك، إنَّــــــه ســـبــــبٌ =ولــقـــدرة الـرحــمــن مـوعــدُهــا
قُــل مــا تـشـاء فــإنَّ لـــي ثـقــةً =بـــالله فـــي نـفـسـي أُجــدِّدهــا
قـل مــا تـشـاء فــإن لــي شـفـةً =تـدعــو، وربُّ الــكــون يُـرشـدهــا
أتـلـو مــن الـقـرآنِ مــا انصـدعـتْ =عــنــه الـجــبــالُ ولانَ أَصْـلَــدُهــا
نفسي تلوذ بـذي الجـلال، ومَـنْ =غيـرُ المهيمـنِ ســوف يُنجـدُهـا؟
أسبابُنـا فــي الأرض مــا وُجــدتْ =إلا لأنَّ الله مُـــــــوجِــــــــدُهــــــــا
كـــم مـنــزلٍ فـــي الأرض نـنـزلـهُ =كــم قـمَّـةٍ فــي الأرض نصـعـدُهـا
نسـعـى إلــى غـايــاتِ أَنْفُـسِـنـا =لــم نــدرِ مــا يـأتـي بـــه غَـدُهــا
هـي يــا طبـيـبُ حبيبـتـي، وأنــا =بـــــالله لا بـالــنــاس أعــضِــدُهــا
أمِّــــي الحـبـيـبـةُ، كــــلُّ قـافـيــةٍ =في مدحها، الإحساسُ يُنشِدُها
هـي مـن تَصـوغُ حـروفَ قافيتـي =وبـقـلـبـهـا الـحــانــي تـنـضِّـدُهــا
هــي مــن تُعـيـد إلــيَّ ذاكـرتــي =وبـحـبِّـهــا الـصَّــافــي تـجــدِّدهــا
فـــي راحتـيـهـا الـنَّـبْـعُ أنهـلـنـي =كــأسَ الـحـنـانِ وطـــاب رافـدُهــا
مهـمـا نــأت عـنِّــي وإنْ رَحـلــتْ =سيـظـلُّ إحـسـاسـي يمـجِّـدُهـا
أمــي الحبيـبـةُ طــاب مسكنُـهـا =ومَغـيـبُـهـا عــنــي ومَـشْـهـدُهــا
أمٌّ مــبــاركـــةٌ، رأيـــــــتُ بــــهــــا =أَلَـــقَ الـحـيـاةِ، وعـــزَّ مَـحْـتِـدُهـا
كــم ليـلـةٍ، مــا كـــان يُوقـظـنـي =فـــــي جُـنـحـهــا إلاَّ تـشـهُّـدُهــا
يستـأنـسُ اللـيـلُ الـطـويـلُ بـهــا =لــــمَّــــا يـــزيِّـــنُـــه تــهــجُّــدُهـــا
مـنــذُ اسـتـهـلَّ ولـيـدُهـا وبـكــى =حـدبـتْ عـلـيـه، وبـاركــتْ يَـدُهــا
بـاتــتْ تُـهـدهِـدُه، فـــإنْ رقــــدتْ =عيـنـاه، طـــاب هـنــاكَ مـرقـدُهـا
تبـنـي لــه فــي صـدرهــا مُـدُنــاً =مــن حبِّـهـا، مــا خــابَ قاصـدُهـا
في صوتها العذب الجميل صـدى =لأمــومــةٍ مــــا جــــفَّ مــوردُهـــا
سأظـلُّ أرضـى حيـن يُسعـدنـي =مـــا كـــان يُرضـيـهاويُـسـعِـدُهـا
أبـنــي صـروحــاً لـلـدعـاءِ عـلــى =قِـمَــمٍ مـــن الـتـقـوى أُشـيِّـدُهــا
(يــا ربِّ) مــا أحـلــى انطلاقـتـهـا =فــي لـيـلـةٍ، حُـزنــي يُسـهِّـدهـا
(يـا ربِّ)، لـمـا قلتُـهـا انكشـفـتْ =حُجُـبُ الأسـى وابيـضَّ أسْـوَدُهـا
وتــهـــاوت الأحــــــزانُ صـــاغـــرةً =وانـفــكَّ عـــن قـلـبـي مُـعَـقَّـدُهـا
حتـى سمـعـتُ لـسـانَ قافيـتـي =يــشـــدو بـحـكـمـتـه، يــردِّدهـــا:
أشقـى النفـوسِ أشدُّهـا جَـزَعـاً =وأشـدُّهـا فــي الصَّـبْـرِ أَسْـعَـدُهـا