منتديات نجم العرب stararabe7
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات نجم العرب stararabe7

أسرار الربح من الإنترنت | اربح من الانترنت | جوجل أدسنس | كتاب وكورسات فيديو تعليمية
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أنفاس الأنين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حريز مريم
عضو فعال بالمنتدى الاسلامى العام
حريز مريم


عدد المساهمات : 131
تاريخ التسجيل : 25/03/2010
الموقع : meriamhariz.wordpress.com

أنفاس الأنين Empty
مُساهمةموضوع: أنفاس الأنين   أنفاس الأنين Emptyالخميس مارس 25, 2010 1:36 pm

أنفاس الأنين
تأليف حريز مريم
تقريبا كل الأحداث التالية حدثت في ثانوية ، أهم شخصياتها إيمان التي كانت تهيم بحب إلياس ، وهذا الأخير لم يكن يعلم بحبها ،
وتبدأ القصة مع بداية المعاناة :
- صباح الخير سمية.
- صباح الخير والورد والياسمين ، كيف أصبحت ياترى ؟
- لست مرتاحة ، بتّ ساهرة بالأمس أناجي القمر، وأبث له ماشغل بالي وأقض مضجعي.
- وما الذي أشغل بالك ياترى ؟
- تفكير في الحبيب .
- أتحبين ياإيمان ؛ أيُبادلك الشعور نفسه ، بل ومتى كانت الخفقة الأولى ؟
- مالك ثرت هكذا...وكأني لا أملك شعورا ولا حسّا ، ألا تعلمين أن الحب خيرمايُسرّى عن الإنسان، وهو أيضا أصل متاعبه ،
وكذلك هو حالي ، فلولا الحب لم تكبر النفوس ولا اتسعت المطامع ، وإذا كبرت نفس المرء فإنه يؤثر البقاء من أجل محبوبه ،
ولو تدبّرت أحوال الناس لرأيت الحب محور معاملاتهم وسبب ملذاتهم ومتاعبهم ، والإنسان إذا تجرد من الحب رأى الناس والحياة
دربا من العبث، فلماذا تستكثرين علي ذاك ، المهم يا حبيبتي أن يكون فيه عفة وحياء ، وأن يكون المقصد ساميا ، شريفا ، يتخطى
كل المطامع المادية والشهوات ، وإن الحب إذا تأصّل في قلب الكريم لم تنزعه الكوارث ، ولكنها تضغط عليه فتخفيه ، فإذا أُزيحت
عنه عاد إلى رونقه كأحسن ما كان عليه، أما الخفة الأولى فكانت العام الماضي ، سمعت عنه الكثير ، مؤدب ، قليل الكلام ، شديد
في الصعاب، ذكي ، فطن ، مجتهد، حلو اللسان ، ظريف ، خفيف الظل .. إلخ . حقيقة أحببت فيه كل تلك الصفات، وأحببت رؤيته ،
ثم أحببته حينما رأيته ، وهكذا منذ ذلك تعلق به قلبي وهواه ، واستأنست به عيني ، وألفته نفسي ، وصرت أحزن إذا ما فارقته ،
وأفرح إذا ما لقيته ، وكل هذا وذاك وهو الآن لايعرف عني شيئا .
- آه ما أحلى هاته القصة الغرامية ؛ لكن العيب فيها أنّها من طرف واحد أدعوا الله لك بالسعادة في اللقاء والوصل وأن تكونا دوما معا كما أنا وحسين .
ـ آ، حقا كيف هو حسين ، أمازلتما ؟
ـ بل قولي إن العلاقة تزداد يوما بعد يوم ، ما كنت أعرف معنى الحب قبله ، والآن أنا أعيش في
جنة ، يدفئني بحنانه ويغمرني بوده وعطفه.
ـ ولكن إحترسي واحذري قليلا..لأن الحذر أولى للسلامة ، أعرف بأنه قد خطبك ، ولكن ليس الخطبة هي الزواج ، لكنها الخطوة الأولى ،
واللبيب بالإشارة يفهم ،
ومع ذلك أدعوا الله لك بالتوفيق ... حسن قد دق الجرس مع السلامة ... .

* * * * *
ذهبت متثاقلة إلى قسمها ولم تكن تسمع لشرح الأستاذ بل كانت تفكر في إلياس (أتراني على صواب.. ولكني لا أستطيع التحكم بمشاعري ...
أتراه يحبني ... نعم هو كذلك ... لا لا ...لا أظن ...ولكني في بعض الأحيان أجد تصرفاته تدل على ذلك ... لست أدري ... لم أفهمه بعد ) .
وتستفيق على صوت الأستاذ :
ـ أكملي القراءة ، أين توقف زميلك؟
ـ أمم ،آ ... (لم تكن تعرف أين توقف .. يحمر وجهها)
ـ أم أنك في عالم آخر.
ـ ولكن يا أستاذ ... أعذرني ... .
ـ إجمعي أدواتك واخرجي فورا ، لا أريدك في القسم .
تجمع أدواتها والهم يثقل كاحلها ، تمشي كالمجانين ، ولا تستفيق إلا على أصوات الذين يعاتبونها ، فمرّة تصطدم بشخص ، ومرّة ترفس على قدمه ،
أو تجدها تتكلم وحدها ، أو تضحك ، نعم إنه حالها الجديد ، جعلها تتصرف كالمجانين ؛ رجعت في المساء ، استأذنت الأستاذ وطلبت منه السماح
فسامحها ،
ولكنها بقيت على حالها ، وبقليل من الحذر والإنتباه ؛ بعد أن دق الجرس ، ذهبت إلى زميلها يونس في القسم ، صديق إلياس ، وفي يديها صورة
تريد أن تريها
له قصد أن تستخرج المعلومات من عنده عن صاحبه إلياس :
ـ يونس أنظر إلى هاته الصورة .
ـ نعم إنه الأستاذ حسّان في القسم يحمل أوراق الإمتحان ويوزّعها على التلاميذ .
ـ لا أقصد الأستاذ .
ـ من إذن .. ؟
ـ أنظر إليه ، هذا إلياس .
ـ نعم إنه هو ، كان يدرس معي العام الماضي ، وأنا هنا (مشيرا إلى الصورة ) .
ـ أرأيت كان سمينا بعض الشيئ العام الماضي ، لكنه هذا العام أصبح نحيلا بشكل كبير أليس كذلك.
ـ نعم .. نعم .. ربما هو عليل ، أو يعاني من مشاكل .
ـ إيمان .
ـ نعم ، مابك .
ـ أتعلمين ، أحب فتاة .. لكنها لا تأبه بي ولا تهتم .
ـ وما دوري أنا ، بل وما دخلي في موضوعك ؟
ـ لأن المقصودة أنت ، نعم أنت حياتي وحلمي وسعادتي .
ـ ماذا ؟ ... ولكن .. .
ـ ولكن ماذا ؟
ـ لكن .. لكن .
- قلت لإلياس بأني أريدك ، وحذرته من الإقتراب منك.
تنهض من مكانها ، وكأن كل الدنيا وضعت كل حملها عليها ، تحدث نفسها : ( قد فهمت الآن لماذا لم يجرؤ إلياس على الكلام معي ،
حتى أنه لايكاد ينظر إلي ، إنه مهدد ، ولكني أحبه ، صحيح أنه لا يدري بذلك ، ولكني أهواه ، أأواجه هذا النذل أم أصمت ، نعم الصمت
أفضل ، ولكن الصمت في بعض الأحيان دلالة على الرضى ، لا لن أصمت ، بل الأفضل أن أصمت ، ولن أرد عليه )
يقبل يونس من خلفها ، ويضع يديه فوق كتفها :
ـ إيمان .. مالك صرت تشبهين الغول ؟
ـ لست بخير ،( تقولها بغضب ) ، ثم لا تلمسني مرة أخرى .
ـ أتستكثرين هذاعليّ .
ـ ومن أنت حتى تلمسني .. هاه ..
ـ يمضي وكأنه لم يسمع ماقالته .
ـ أرأيت ياسمية إلياس مهدد من قبل هذا المعتوه الذي يحسبني ... خسئ إنه أحمق وأناني ...
ـ اصبري ياإيمان ، ثم أما آن لك أن تحدثي إلياس .
- بالله عليك لا تثيري أحزاني وجراحي ، ليتني أستطيع ذلك ، ليتني .. لا أدري أهم ّ بالقول وأحس كأن شيئا يبعدني عنه ويأمرني بأن أخرس ،
ربما القدر أراد ذلك .. ربما
- وماذا عن الرحيل ، أما زلتم تعتزمون الرحيل ؟
- نعم لقد قرر أبي إلى تلمسان ، الآن أنا أمامه ولم أستطع حتى أن أئن فكيف إذا كنت في الغرب وهو في الشرق
- ولكن برغمك سأقول له حينما تذهبين
- آه منك أعندما يفوت الأوان ، لاعليك هذا هو قدري وقد رضيت .
- لقد دق الجرس .. قلت بأنك ستجرين فرضا الآن ،هل حضرت جيدا ؟
- لا ، بقيت الليل كله أتقلب في الفراش ، ولم أستطع حفظ أي شيئ ، سأعتمد على تذكر شرح الأستاذ
- إذن بالتوفيق
- مع السلامة
* * * * * *
وتمضي الأيام والشهور والساعات ولازالت على حالها ، وآن يوم الرحيل ، تذهب متثاقلة إلى الثانوية ، تعرف بأنه اليوم الأخير ،
أول من تجده يونس ، تحاول أن تغير طريقها لكي لا تلتقي به ، ولكنه تبعها :
ـ صباح الخيرإيمان ... كيف الحال؟
ـ لاصباح ولا مساء... ماذا تريد؟
ـ وما كل هاته القسوة .
ـ اسمع .. أذهب وابحث عن أخرى ، ولا تنظر إلى شيئ ليس لك ، أسمعت ؟
ـ ولكن قلبي خفق لك ، وليس لغيرك.
وتأتي سمية وهي تسمع المشاجرة الكلامية ، وتكمل إيمان حديثها :
ـ إذن سأوقفه أنا عن الخفقان ، إذهب ولا أريد أن أرى وجهك مرة أخرى .
ـ كما تشائين ،لن أكلمك ، سأبتعد عنك .
ـ لعنة الله على إبليس ، أمعتوه أنت أم ماذا ؟
ـ ها ها ها، على كل حال قد وجدت واحدة ربما هي أفضل منك وقد جئت لإخبارك .
ـ الحمد لله الذي هداك أخيرا


ـ لا سلمت ولا تعافيت ، اذهب قبحك الله ، ما هذه البلوى ياترى ؟
ـ دعك منه ، قد ذهب أخيرا .
ـ حقه علي ، فأنا التي احترمته وقدرته ، فحسبه حبا وغراما ، تباله ولمعتقدات الخسيئة الدينية.
ـ لاعليك انسيه الآن ، دعيه في الماضي .
ـ سمية ، رأيت الياس بالأمس واقفا مع فتاة تتلاعب بين يديه ، ولكني رأيت في وجهه نفورا منها ، من هي...
ـ سمعته يتكلم مع صديقه غاضبا وفهمت القصة ، إنها فتاة لعوب ، أرادت أن تغريه ، ربما أعجبها ، ولكنه ظل صامتا صارما معها ،
وهددها إن لم تبتعد عنه سيخبر جميع الناس بأمرها ، فتركته أخيرا .
ـ ايه ، كاد أن يضيع مني ، أتعلمين هذا هو اليوم الأخير . إنه يوم الرحيل والوداع والفراق الذي لا لقاء بعده ، إلا إذا شاء الله ذلك .
ـ أستتكلمين معه ؟ ودعيه على الأقل .
ـ ربما .. ربما .. سأحاول ..
وأتى المساء ، وقررت الكلام معه ، هيأت نفسها ، حضرت كل الكلمات والألفاظ المعبرة ، وحينما توجهت للقاءه قبل أن يخرج من
قسمه ، تفاجأت بأن القسم فارغ ، وهذا دلالة على أنهم خرجوا قبل تلك الساعة ، أي لم يدرسوا ، وراحت تعزي نفسها ، وأي
عزاء يفيدها في ذلك الحال :
يا حسرتي على قضاء الأيام وآنات النحيب ، وياحسرتي على حبيب ضيعته سخرية الخطوب وآه من مهجة باتت
تتأوه من البلوى وتعتلج من النحيب ، أين تلك الأماني ، أين شوق لقاء الحبيب آه لقد سحقها الظلام ورشفتها يد السراب ، وتلتها
أناشيد الأحزان وتلاعب بها النصيب ، هذا نصيبي يا بني أمي وأي نصيب .
ذهبت متثاقلة لتودع سمية وبعض زميلاتها ثم خرجوا ، ألقت نظرة عميقة على الثانوية وكأنها تطلب منها أن ترعى وتحمي إلياس ،
أو تريد أن تكافئها لأنها كانت المكان الذي جمعها به .

* * * * * *
سافرت إيمان مع عائلتها ، ومضى قرابة شهرين كاملين دون أن تتصل بسمية ، ثم قررت الإتصال بها :
- ألو سمية ، حبيبتي كيف حالك ، كيف تفعلين ؟
- الحمد لله ، لقد اشتقت إليك كثيرا
- وأنا كذلك ، كيف حال أمك ، عائلتك ، دراستك ؟
- أمي تسلم عليك ، أما عن الدراسة فحسن ، تارة نتائج جيدة وتارة رذيئة
- أخبريني عن إلياس ، اشتقت اليه ، إلى أخباره ، أما زال كما هو ؟
- لكن ، إيمان ... آ ...
- ماذا ؟ أخبار لا تسرّ أم ماذا ؟
- نعم .. أقصد لا .. إنه بخير .. أتعلمين حينما أخبرته برحيلك ، وأنك أتيت لوداعه فلم تجديه ، تأوّه وطأطأ رأسه ، ثم حينما حدّثته
عن حبك له وأن حديثك كان كله عليه ، رأيت دمعة تسقط من بين جفنيه ، ثم تركني وذهب .
- قد كتبت له رسالة ، ولم يأتني جوابها إلى الآن ..
- فالتقرئيها عليّ ..أرجوكي .
- حسن لابأس .. انتظري دقيقة واحدة .. هاهي النسخة :


" بسم مسبب الأسباب وفاتح الأبواب وخالق آدم وحواء من تراب وجاعل الجنة للثواب والنار للعذاب، تحية عطرة أزفها
نحو نسيم البحر تفوق الماء صفوة والتمر حلاوة ، إلى أعز وأغلى حبيب في الكون ، أما بعد :
فإني منذ فارقتك لازلت أعاني من ألم فقدانك ، وما يزيد أساي وحزني عليك أن فراقنا كان دون وداع وأي وداع . صرت
وحيدة أعاني من سخط الدهر وأعاصير أحزاني ، صار فؤادي لفقدك ممزقا ، وصار يسيل من جفني قيح بدل الأدمع ، شرد بالي
وتاهت نفسي تبحث عنك في طيات صفحات الذكريات وآه من الذكريات ، لم يبق لنا في الدنيا إلاها . كانت أيامي بقربك لامثيل
لها ، والآن في ظل غيابك عصفت بها الأرزاء وزحزحها الدهر وقصفها الرعد ونثر أوراقها الريح وكهربها البرق ، فعادت فحما أسودا
لا يصلح إلا للحرق ليكون غبارا .
بالأمس كانت حياتي كالسماء الباسمة واليوم بدونك صارت كأعماق الكهوف المظلمة ، أما أحلامي فقد أسكتتها لوعة الروح الحزينة
الواجمة أما مهجتي فصارت تتدلى وتتمسكن حيث المرارة والأسى ، لاتسمع في طياتها إلاّ سخط الصدى . أيها الغالي ، بكل كلمات
الشوق أرسل لك كل اهتمامي وشوقي، أرسلها عبر أجنحة الحمام ، تحمل أحر التحايا وأزكى السلام ، قائلة لك أني لا زلت على
العهد ككل الأيام ومنتظرة منك الرد على الدوام ، والسلام ."
- آه ماأجملها
- مايُحيرني أنه لم يرد عليها ، وقد بعثت له بالعنوان الصحيح ، ترى مابه ؟ أليست عندك أخباره؟
- لا ، لا، ليس عندي
- ومالك فوجئت بالسؤال
- لاشيئ ، لاشيئ ، إنما أصابني بعض الألم ، مع السلامة
- مع السلامة
تحدث نفسها : " لماذا لم تجبني سمية حينما سألتها ، أترى أصابه مكروه ، أم ماله ، لا ، لا أعتقد "
ثم أرادت أن تقطع الشك باليقين وتتصل بزينة ، فهي حتما ستخبرها إذا كان هناك أمر أم لا
- ألو، صباح الخير زينة .
- من إيمان ، صباح الخير كيف الحال ؟
- ايه ياحبيبتي ، حقيقة لا أدري ما ألمّ بي اليوم ، وقد اتصلت بسمية قبل قليل وسأتها عن إلياس فلم تجبني ،
وكأنها تخفي شيئا ، وإني أحس أن أشعة الشمس قد تحولت إلى أيدي تحاول خنقي ، وأن الكون حولي أصبح عاتما مظلما ،
ولست أدري لذلك سببا ولا جوابا أبدا .
- وأنت ألم يصلك الخبر ؟
- ماذا ؟ خبر ، وأي خبر .
- للأسف إلياس الآن في المستشفى .
- إلياس ، مابه ، ما الذي حدث له ؟
- صدمته سيارة وهو الآن في حالة حرجة واُدخل إلى غرفة الإنعاش .
آه من عواصف الدهر الغادرة ، تريد الأيام أن تأخذه مني ، أواه لو استطعت لطرت إليك لأواسيك في محنتك ؛ واستمرت على
تلك الحال لا تأكل ولا تقول شيئا ، وجاءت اللحظة التي تكون بين السعادة والشقاء والموت والحياة ، أرسلت زينة رسالة قصيرة
عبر الهاتف مضمونها : " إنا لله وإنا اليه لراجعون ، توفي إلياس منذ قليل " ؛ وتسقط مغشيا عليها ولا تستفيق إلا وجميع أهلها
محيطين بها، يتسائلون عن السبب المفاجئ وهي لا ترد على أسئلتهم .
* * * * *



مضى النهار وأتى الليل وحرقة الألم لا زالت تعتلج في نفسها ، ولم تتوقف عن ذرف الدموع لتعبر عن عمق حزنها وألمها .
لم يغمض لها جفن ، ولم يركح لها بال ، وراحت تسبح في شواطئ الأنين وتناجي الموت وحسرات السنين . آه يا موت قد
مزقت صدري وقصمت بالأرزاء ظهري وقسوت إذ أبقيتني في الكون أذرع كل وعر وفجعتني فيمن أحب ، ومن إليه أبث سري
وأعده فجري الجميل إذا أدلهم علي دهري وأعده وردي وكأسي وأعده غابي ومحرابي وأغنيتي وفجري وهدمت صرحا لا
ألوذ بغيره وهتكت ستري فقدت روحا طاهرا شهما يجيش بكل خير وفقدت نفسا لا تنثني عن
صون أفراحي وبشري وفقدت ركنا في حياة ورايتي وعماد قصري ، ياموت ماذا تبتغي مني وقد مزقت صدري ، خذني إليك
فقد تبخر في قضاء الهم عمري ياموت نفسي ملت الدنيا فهل لم يأت دوري . كتبت آخر مذكراتها ، وهناك نادتها روح الحبيب ،
وأسلمت روحها ببطئ وهدوء وكأنها كانت تنتظره من أمس بعيد .
أما سمية وحسين فقد انتهت قصتهما بالزواج السعيد والعيش الرغيد ، وأما جواب رسالتها فقد كتبه إلياس لها حينما كان على
فراش الموت فلم يصلها ولم تطلع عليه ، وبقي عند زينة منذ ذلك :
بكل الشوق في قلبي أحمل قلمي لأكتب لك هذه الرسالة ، ولست أعلم إن هي ستصلك بعدي أم لا:
فإني إطلعت على رسالتك وقد أعجبني كثيرا ، كانت معبرة بشكل واضح على حالك ، حقيقة أبادلك نفس الشعور ، وكنت دوما
مترددا ، لأني خفت من ردك ، ثم مع أن يونس كان يريدك فإني صدقت أنك قد انزحت إليه ، لم تكن لي من قبل أي تجربة في هذا
المجال ، كتمت حبي ، وكتمت حبك لكن الأشواق أبدا لا يستطيع أحد إخفائها ، كنت قربك ، كنت أستمع لكلماتك ، كنت أنظر إلى
وجهك وأبكي على عجزي في البوح لك .أعتقد أن اليوم هو آخر أيامي ، وأن هذا هوالنفس الأخير ..


* * * * * *

ما عجبت لشيئ في حياتي عجبي لهؤلاء الذين يقنعون بحب الأوهام ، إنه في الحقيقة مجرد سراب ، لأن الحب أعظم وأجل معنى
من أن ينزل به المنزل إلى شهوات الحمير والبقر أو أن تُقتل نفس بشرية همّا وحزنا في سبيل شيئ خيالي عنوانه الأحلام والأوهام ؛
هو معنى روحي لايكون بين رجل وامرأة أجمل إلاّ بعد الزواج ، فمن أراد أن يجعل الحب قاعدة العشرة بدلا من الزواج فقد خالف إرادة
الله وحاول أن يهدم ما بناه ليهدم بهدمه السعادة البيتية . إن هؤلاء المراهقين يتوهمون أنهم يعشقون ويحبون وأن ذلك هو حبهم
الحقيقي ولو تفكروا قليلا لوجدوا أنهم أخطئوا كل الخطأ فالحب مع مرور الزمان يتأصل في النفس البشرية أما احساسهم هذا فمع
مرور الزمان ينطفئ كالجمرة وبالوعي يصير بغضا وحقدا على المحبوب لأنه ما كان يبغي ذاك السمو الروحي بل اللّذة الجسدية .

* * * * * *

مذكرات إيمان

ـ 1 ـ

جلست بالأمس أناجي القمر وأحدثه عنك حينما جفاني النوم وأقض مضجعي السهاد ، جلست أسأله عنك وأُنبئه بما ألمّ بنفسي
وعمّا خالط روحي وفؤادي من أمر جديد ، فأوصاني أن أذهب إلى طبيب التيم والصبابة فلما ذهبت إليه أمري أن أذهب إلى قاضي
العشق ، فذهبت فقضى علي بحبك يا إلياس ثم بملازمتك ، أحببتك ومشيت في طريق هواك ، لكني وجدته مليئا بالأشواق والعراقيل ،
ولكن في نهاية الطريق أنظر فأجدها ملأى بالورود والزبانق والأزاهير ، وحارت خطاي ، أأحتمل الأشواق وأكمل المسير أم أعود عن الرحيل ،
لست أدري ماأقول ، حائرة في طريق الرحيل ، ليس لدي زاد ولا أمل ، أحاول أن أوهم نفسي بأنك راض عنها ، ولكنها تيأس وتمسك عن إكمال
الطريق ،لن أيأس، بل سأيأس ، هذا ما أقوله دوما ، وهذه هي علتي على كل حال الصبر هو دواء لجروحي ، ولكنه صعب وشاق ، وسأكمل
طريقي إلى مالا نهاية...

ـ 2 ـ

تمنيت لوكنت تسمعني ، تمنيت لو كنت تراني ، لأحكي لك ما بداخلي ، يامن يهواه قلبي يا فرحتي وأساس همومي ، يا شمسي
المشرقة وقمري ونجومي ، ياأملي وراحتي وسكوني ، يا منية روحي وزهري وورودي ، ياحلمي ، قد قالو لي انسيه ، فهل ينسى
المرء أحلامه وآماله ، قالوا أتركيه ، فهل يترك المرء فؤادا هواه لا أبدا ما انقطع أملي وما جفت أقلامي وما وتوقف فؤادي ، أهتف باسمك
في يقظتي ومنامي ، أرسم وجهك الجميل على ورقي وفي خيالي ، دوما أنت حاضر ببالي ، لاولن أنساك مهما طالت أيامي ولكن ألا يرق
الدهر لبائسة حزينة ، ألا تضيئ النجوم في السماء المظلمة الكئيبة ، أليس بعد العسر يسرا ، أسنلتقي ، أسترق لي بعد غلظتك علي ،
لم طال جفاؤك وقلت بل وانعدمت كلماتك ، ونذرت نظراتك ، ألا تعلم بأنها زادي في طريق الرحيل ، وكلماتك مائي إذا ما عطشت في الزمن
الرذيل ، كما تشرق الشمس كل يوم وتحضن بأشعتها وضوئها كل من تلقاه ، أنا كذلك أشرق عليّ وأدفئني وجد لي بالوصل فإني كئيب حزين ،
كما تجود الورود للناظرين بلباقتها وجمالها وريح عطرها ، جد علي ببسماتك وكلماتك الحلوة ، أنا أنتظرك ، تعالى إلى قلبي وروحي وإياك أن تكويني

ـ 3 ـ

أيها الإنسان الذي غير حياتي ، إنك نغمة سوف أتغنّى بها طول السنين ، أيها القمر في السماء ، سوف أستضيئ بك في طريق الرحيل وأنت
ستظل حلم حياتي ، لقد ابتعدت عني ولكن بيني وبينك بعد مؤقت ، لأن روحي معك في لقاء دائم مهما بعُدت المسافة ومهما طال الزمن ،
أردتك أن تكون مع الأيام أصغر عمرا وأكبر عقلا ودموعك في نقصان وأفراحك في ازدياد والسعادة تملأ عينيك والحُبّ يملأ قلبك ، ما أردت إلا
أن أُدخل الفرحة على فؤادك ، ماذا تنتظر؟.. ماذا ينقصك لترقص الفرحة في عينيك ، وتزغرد الأغنيات على شفتيك ، تنتظر الغد وما يحمله
من آمال ومايحققه من أمنيات .. ؟ ولكن ماذا عن اليوم ، ماذا عن اللّحظات التي تعيشها الآن ، هل تقدمها طعام لنار الإنتظار والقلق ،
ما أقسى الحب وما أشد عذاب المحبين ، إنهم يعيشون في حلقة مفرغة حيث ألم الحب وعذابه ، وهذا هو حالي، أحببت الدنيا معك ،
مشدودة إليك كأني توأمك ، والقدر يتربص بنا الدوائر ليفصلني عنك ، وفي كل لحظة ليشعر الواحد منا بأنه يودع الآخر ويشعر بالألم والحزن ،
تمنيت لو أكون شخصية فريدة في حياتك ، أحاول أن أجعل من كل دقيقة تمر بي نغمة حلوة أسعدك بها ، كنت أشعر بمسؤوليتي على إسعادك ،
لكنك أبيت إلا العناد ولم يعد بيدي حل ، ليس هناك إلا النسيان ، حجزت تذكرة النسيان، وكانت تكلفة الرحلة إليه باهضة الثمن ولم أقدر على دفعها ،
تخليت عنه ، وإني لا زلت أذكرك في كل دقيقة بل وفي كل ثانية ، دوما أنت حاضر ببالي ، حبك دائم بقلبي ، لن أنساك وسيظل قلبي المجروح وفيا لك أبد الدهر .

ـ 4 ـ

وإن لم تكن تراني ، وإن لم تكن تسمعني فروحي على الدوام تناجي روحك ، أفضفض بكلمات ما ألمّ بنفسي وما تجدد بقلبي حتى وإن لم تقرأه ؛
حينما كبر فؤادي وصار ينظر لبعيد ، صار يبحث عن ضالّته ، عن توأمه ، بحث وبحث حتى تعلق بإلياس فهواه ، فصار توأمه بل وصار لجسدي كله توأما،
ولكن الزمان أبى إلا أن يفرق روحينا كما فرق جسدينا فصار يغلب علينا الجفاء والبعد ،
وبدأت بعدها قصة المعاناة ، وبعد كل ما حصل اتهمت روحك في قضية الجفاء ، وقد كان معك محام بارع فتوجهت التهمة إلي وزادت نفسك عنادا
على عنادها ، وصرت أنا المجني وأنت المجني عليه ، وكأنك أنت البريئ من الجفاء ...

ـ 5 ـ

قد عشت ألوان الحياة لكن بقربك لم أجد أحلى منها ، بدونك لا طعم للحياة ، وبقربك تصفو كل الحياة، سألوني عنك فقلت لهم : إنه نبعي الجميل
الملتوي ما بين دوح الصنوبر والغدير ، إنه فجري الجميل ، إنه غابي ومزماري وأغنيتي وفجري ، إنه صرحي وعمدتي ومشورتي في كل أمر. هو روح
طاهر شهم يجيش بكل خير ، هو القلب الذي همه أن يستوي في الأفق بدري ، هو الورد الفتان في بستان صبري ، هو قمري المنير إذا ما ادلهم علي دهري ..

ـ 6 ـ

بعدي ما نسيتك يا قمر الزما ن، ولا زلت أتذكر قربك وتلك الأيام ، آه من صمت الدهر وقساوة الأيام، وما أغدرك وأوقحك أنت أيتها الأيام ، يأتي يوم ويمضي
يوم وأنا لازلت أنتظر بشائر وصلك، لكن بمرور الوقت تنقضي دقائق أملي ، يريحني صوتك وتسحرني عينك وتسبيني روحك ، أنت معي في كل الأحايين .
أعذرني لأني اقتحمت حياتك دون سابق إنذار ، للأسف لكني لم أستطع تحمل



تجاهلك وجفائك . قد ينسى البحرلونه والشمس حرارتها والورود عبقها وأريجها ، أنا لن أنسى أبدا أنك كنت في حياتي أميرا وشهما وعزيزا

ـ 7 ـ

لم أنساك بعد بالرغم من أني أردت ذلك ، أبت نفسي نسيانك لأن فؤادي يحثها على ذلك ، كانت نفسي تريد النسيان لأنها لم تر بارقة الأمل ،
لم تسمع بهاتفة الحياة ، لم تحس بأي شيئ يوحي


بأنك راض عنها ، ملّت وانتفضت فبعثت برسالة إلى القلب تأمره بالنسيان ، لكنه رفض رفضا شديدا وقال : أيذهب حب سنة وشهور هباءا منثورا ،
أين الأمل فيك أدفنته الآلام ، أين الأحلام أم حطمتها الأيام ، لا لن أملّ ولن أرضخ . أيتها النفس لم أطلب منك الكثير ، تعلّقي فقط بالأمل ، أعرف
بأنك أردت الحفاظ على الجسد ، فحينما لا يكون الأمل يخفق القلب بسرعة وتيأس النفس وينهدّ الجسم ويتراخى ويمرض ، نعم مرضت
وأصابتني علة جسدية وروحية ، ولكن لا سبيل لا سبيل ابدا ..

ـ 8 ـ

سأنصرف من حياتك رغما عني ، إن هذا الطريق ليس طريقي ، ولذلك حكمت على نفسي بالتعاسة من دونك ، لقد تمنيت في يوم من
الأيام أن أعلمك كيف تكون سعيدا طوال الأوقات ، أزرع في عينيك الحادتين نظرات عاطفية ، وسأبقى معك بصبري ، ومع صمت الصباح
سأمضي عن عالمك . سأختفي عن ناظريك ؛ ياروح الأحلام والأماني والآمال الضائعة أودعك بلا دموع فالدموع قد جمدت في مآقيها
والأحزان باتت شيئا متأصلا بداخلي .


- 9 -
نسيتني أم أنستك إياي الأيام ، وقذفت بذكراي ومنعتها حتى عن الأحلام ، قسوت فلم تلتفت إلي بنظرة تطفئ تلك النيران ،
ذهبت وتركتني رميّة للبحار والشطئان ، صرت الآن كأني لست إنسان ، تقطع بداخلي كل شريان ، منزوع من قلبي ذاك الخفقان ،
يا ذاهبا عني دون رجعة ألا ترق لي قبل الذهاب والهجران ، على كل لا زلت أراك في حلمي وخيالي بل في كل مكان ، أريد أن
أحيا حياة مثالية دون آلام أو حتى أحزان ، لكن هذا لا يكون بدونك يا حبيب الأزمان ، فأسأل الله لك أن يشفي كل عللك وأن ترجع
لعافيتك ككل الأيام ..

ـ 10 ـ

بالله ما ألقى ويالي من الهوى ، ليالي العذاب طالت ودموعي سالت ، ولم يزدني طول الليالي سوى ود على ودي ، لعينيك أهدي
أحلامي وأجمل أزهاري ، لعينيك كان شعري ونثري ولفظي وألحاني .
يرحل شتاء ويأتي شتاء وما زال حبي لك ينبض ، فالقلب كالأحزان وعدت نفسي أن أنزع هواك من الوجدان ، لكني كلما أذكرك احنوا إليك ،
فأوقف رحلة الفراق وأوقف ملحمة الإشتياق ، يسكنني منتهى العياء ، يحتسي دمي الكتمان ، جيوش الصبر التي أقودها باتت متمردة
على الأحزان ، أدمن على النواح إدمان ، أنشد على المقابر بصدر عار بؤس يداي الفارغتان ، ممزق بداخلي كل شريان،وجرحي أوسع
خارطة صعب أن يكتشفها إنسان ، فيا نورسي المتسكع في شوارع الحرمان ، ألا أراك بعد طول غياب ، نعم قد حال بين لقائنا ظلام عميق ،
وليس بعد حبك أحد رفيق ، كنت أنت مهجتي وتسكن كالحلم في مقلتي ، إن رؤيتك ترد لي روحي وحبك دواء لجروحي ، فما أصعب أن أبكي
دون دموع وأنت راحل دون رجوع ، فبعدك عني يشعرني بالضيق والعالم من حولي يضيق ، فهل يقدر لي مرة أخرى أن أراك ؟ ..

ـ 11 ـ

في لحظة من اللّحظات ، وعند شاطئ البحر، وفي وسط ذاك الجوّ الهادئ السّاكن ، رُحت أسبح في
الخيال ، أقلّب الطّرف في جوّ السّماء ، أبحث عن طائري ذاك الذي أهمس له فيبتسم ، أمسك بيديه
فأحسّ فيهما بدفئ الرّاحة ، كنت أعيش في خيال ، أيّ طائر بعده سوف يغرّد لي عند الصّباح ، ويؤنسني عند المساء ، من سيُبدّل بعده
آهاتي إلى بسمات ،
ولكنّي صحوت الآن من أحلامي ، رأيت جحيم السّراب ، صحوت عندما صفعتني الحقيقة ، علمت الآن أنّها كانت مجرّد أحلام و أوهام ،
أشياء مستحيلة ،
أحلاما غير محقّقة ، خارقة للعادة ، وبالتالي المستحيل لايتحقق لأنه مستحيل ، وأقفت بذلك الرحيل ..

ـ 12 ـ

الآن كم أنا حزينة وحيدة بعيدا عنك ، بعثت لك بهمسات من روحي .. روحي التي كانت تحج إليك أينما كنت في هذه الأرض ولم يتعبها
المسير إليك يوما ، لأني كنت أحمل إليك حلم السعادة وانقضاء الشقاء ؛ كم سهرت من الليالي وجفاني النوم ، كم سكبت من الدموع
الحوارق وكم راودتني الشجون ، يئست من الأمل ورضيت بالألم ، قد طالت ليالي العذاب وأنا لازلت كما أنا ، أهتف باسمك ، أرقب مجيئك ،
أتخيل مرآك ورضاك ، أصنع ابتسامتك ، أخطط لسعادتك ، أسير في طريق هواك وأحتسي أحزانا في طريق الرحيل ..

ـ 13 ـ

لقد انتهى كل شيئ بالنسبة إلي على وجه الأرض ، فلم يعد هناك من يستطيع أن يصيبني بخير أو بشر، ولم يعد أمامي ما أرجوا تحقيقه
أو ما أخشى وقوعه في هذا العالم ، وهاأنذا مطمئنة النفس في طريق الهاوية ، إنني مسكينة تعسة وغمرني شغور غريب ، أن كل
ما هو خارج عن حدود كياني أصبح غريبا جدا ، ولم يعد لي في العالم أحباء أو أقرباء ، إنني فوق الأرض كأني فوق كوكب غريب وإذا كنت
أتعرف فيما حولي على بعض الأشياء فهي ليست سوى أشياء يحزن لها القلب ويتمزق .. ياروحه السامية أيا جسده الكائن تحت تلك الترب
الصماء وداعا فقد استأنست بكما في يقضتي ومنامي، في صبحي ومسائي ، أيتها الروح سنلتقي في يوم من الأيام ، وسأظل أبعث لك
بسلامي في كل ليلة عبر أشعة القمر وبأنغامي وكلامي عبر أجنحة الحمام لتكون أسرع في رد السلام ...

ـ 14 ـ

ما علمت أن الدنيا ستحرمني منك إلى الأبد ، أعرف أن الدهر غادر مكار ، لكن ليس إلى هذه الدرجة، حرمني السعادة وأذاقني الشقاء ؛
ذهبت عني دون وداع ، ذهبت إلى الأبد دون أن أراك ، رؤيتك تلك التي كانت ترد لي روحي ورونق بهجتي ، الآن رحلت إلى تلك الدار فما
يبقيني أنا هنا ، سألتقي بك قريبا أيها الغالي
في دار الآخرة ، فإذا لم تجمعنا الدنيا فسنجتمع أخيرا في الجنان لأننا لم نفعل ما يغضب الله ، كان حبا شريفا ساميا صافيا لا تشوبه شائبة ،
حقا غلب عليه الفراق والبعد ، كان مشوارا مليئا بالحزن ومختوما أيضا بالحزن ، لم نسعد باللقاء إلا للحظات قليلة وهذا هو قدرنا قد خُتم بالموت ،
فآه من حرقة تأكل داخلي ونار تكويني وتعذبني ، أنا آتية إليك فلن يطول الإنتظار ..

ـ 15 ـ

يادهر .. يادهر ماذا تفعل النفس التي سكنت هذا الوجود فتكالبت عليها الهموم ، أترضى وتسكت أم ترفض الدنيا وتنتحر ، ياليت شعري ،
نفذ الصبر وامتلأ الصدر وحان الحذر ، أصغي إلى الكون فلا
أسمع إلا صوت أنيني ، آه توارى فجري الجميل في ليل الدهور ، وضاعت علي سعادة القلب الغرير ودُست بقدمي أشواكا فبُطئ المسير ،
هو الموت .. هو الموت طيف الخلود الجميل ، هو ممزق الصدور ومعلن آن الرحيل ، هو الموت مؤنسي الوحيد ومنقذي من عواصف الدهر العنيد ،
فيا موت خذني إليك فقد أصبحت أرقب في فضاك الجون فجري، خذني فما أشقى الذي يقضي الحياة بمثل أمري ، ياموت نفسي ملت الدنيا
فهل لم يأت دوري ؟ ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أنفاس الأنين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات نجم العرب stararabe7 :: منتديات الأدب والشعر :: منتدى الروايات الأدبية والشعرية-
انتقل الى: