النهاية المحتومة
تأليف : حريز مريم
قرأت في أحد المرات قصة قصيرة ، خلاصتها مشكلة مهمة في مجتمعنا المعاصر ، إلا أنها مؤلمة وتؤذن بتفكك المجتمع بعد تفكك الأسرة .
تزوجت رهف من ضرغام بعد طول إنتظار ، وأنتج زواجهما ثلاثة أبناء ، لم تجد تلك الحياة التي كانت تطمح إليها ، إذ أنها أرادت زوجا محبّا لطيفا
حنونا مُراعيا لظروفها ، خاصة بعد انجاب الأطفال ومع ظروف عملها ، أما هو فقاس ، متشائم ، فض غليظ بل ولا يعجبه العجب وغير حنون عليها ،
بالرغم من كل ذلك صبرت عليه وما عارضت الحال لأن ذلك من المحال . كانت رهف تحسن العمل على جهاز الكمبيوتر فذلك من ضمن مجال
عملها في المؤسسة ، فهي تخرج صباحا وتعود مساءا أما أولادها فتتركهم عند جدتهم وتعود بهم مساءا حينما تعود ، وهكذا تنجز أعمال
المنزل مساءا وتطهو العشاء والغذاء ثم تجلس على جهاز الكمبيوتر وتنجز أعمالها أو تبحث عن معلومة على شبكة الأنترنت . في أحد الأيام
وصلتها رسالة على موقعها ، مرسلها شاب في الثلاثينيات ، وسيم ، حلو اللسان ، خفيف الظل على عكس زوجها ، وسوس لها الشيطان
وزين لها لكي تتواصل مع الشاب فقط على سبيل المجاملة ، وهكذا تطورت هاته المحادثات إلى علاقة آثمة ، لايعلم إلا الله مداها . وكل
هذا وذاك يسير والزوج لا يعرف شيئا من كل هذا ، سوى أنه يرجع إلى البيت فيجدها مكبّة تعمل على الجهاز فلا يسألها شيئا ، فهو أولا
وأخيرا يثق فيها ، وهكذا صارت العلاقة تزداد يوما بعد يوم بين الزوجة الخائنة الساذجة والشاب الوسيم المحتال ، بل وأكثر من ذلك فلقد
بعثت له بكل معلوماتها الشخصية ومكان سكنها ، فصار سلاحا في يده يقتلها به متى شاء ، وما حصل هذا إلا لأنه وعدها بالزواج بعد أن
تتطلق من زوجها ضرغام .
وهكذا تبدل حالها ، ونسيت شؤون عائلتها وأولادها ، بل وتغيرت كثيرا فذاك المخادع سلبها لبها وبدل عيشتها ، فأعطاها من الحنان م
كان ينقصها ، وأشبعها بالكلمات الحلوة المعسولة التي كانت زادها ، وجدت من يسمع لكلماتها بصمت ويهتم بها ويسأل عنها ، وأخيرا
رضخت لمطلب المخادع وطلبت من ضرغام أن يطلقها ، لكنه رفض رفضا قاطعا لأنه لاسبب لديه يأذن لهما بالإنفصال . ،
وهكذا كشف حيلتها إذ زعم بأنه ذاهب إلى العمل ولم يذهب ، واتجهت هي مباشرة إلى الهاتف تكلم حبيبها وتخبره بذهاب زوجها ،
فجأة دخل الزوج .. وجدها متلبسة .. فما كان منها سوى الاعتراف بذنبها ، فطلقها بشرط أن تترك الأولاد عنده ، فلا أمان لأم خائنة
أبدا ، فأي أم ترضى بهذا بل وأي
زوجة تسمح لنفسها بارتكاب هذا الخطأ الجسيم ؛ وخلت الساحة لها وأخذت حريتها التي كانت تطمح إليها ليلها ونهارها ، اتصلت بالشاب
لتبشره بخبر طلاقها ، فاستحسن الأمر وأظهر الفرحة ، ثم أنبأها بقرب قدومه إليها ، هيئت نفسها لإستقبال العريس ، ...
وحضر الغائب ... وليته لم يحضر ... وبما أنه وعدها بالزواج فإنها منحته نفسها مقابل وعد كاذب ، ومضت الأيام وهي على حالها ،
صارت كل دقيقة وثانية تذكره بوعده لإعلان الزواج والسفر معه لبلاده ، لكنه فاجأها بضحكة استهزاء وقال:
وهل أنا مجنون لكي أتزوجك ، فما دمت قد خنت زوجك فإنك حتما سوف تفعلينها معي ... ، غضبت لكلامه وابتعدت عنه اعتزازا بكرامتها
ونادمة على فعلتها ، لكنه ظل يلاحقها ويهدد بفضحها ، فهو يملك مقاطع فيديو وصُورا لها ومعلومات شخصية عنها ، وهكذا صارت تعيش
في كابوس مرعب ليلها ونهارها خاضعة لكل نزواته الحيوانية دون أن تعارض على شيئ أبدا .
واكتشفت الحقيقة بعد أن فات الأوان ، لأنه ما كان إلا لصا من لصوص الأعراض وذئبا من الذئاب البشرية البرية الجائعة ... للأسف .